- كنت أركب الجمل وهو يجري، كانت بي قوة جمل…
قال جدي الشيخ ذو الهيئة المÙصَدÙّقة قوله وقد سبق الثمانين.
إنه الآن مضطَجÙع على مصطبته التي يلازمها لأنها تضطجع أَوّلَ الدار بØيث تمكنه من أن يراقب الداخل والخارج والصامت والناطق، وأنا جالس أمامه على Øصيرة مبسوطة بدهليز الدار، ظهري إلى جدار القاعة البَرّانية العتيقة المجيدة التي آوت عوائل عريضة ملأت الدنيا.
كانت بيننا ÙÙسْØØ© تمكن بهائمه من أن تمر متى شاءت؛ Ùقد كان يكره أن Ù†ÙضَيÙّق عليها أو أن نؤذيها.
وبهائمه خمس لا سادسة لها:
- ناقة Øمراء مكØولة العينين مغربية، يرجو أن يخرج منها خل٠يرث جمالها.
- وجاموسة سوداء قرناء أليÙØ© -كانت تØبني وتضع لي رأسها لأركب ÙÙŠ غÙلة من جدي- تركها صاØبها النصراني عنده شركة، غير أنه لم يكن يسأل عنها.
- ÙˆØمارة بيضاء أصيلة Øمّالة أذى صبور، لو كانت تدري ما الشكوى لأثارت عليّ الثَّقَلَيْن!
- ونعجة بلقاء Ù…Ùتْآم خير خل٠بقي من سلÙها الثلاثين التي كان جدى يرعاها لأبيه، غنّامًا يجوب الأرض غير عابئ بسَهْل ولا Øَزْن إلا أنْ يَملّه.
- وكلب أَرْمنتيّ، أسود يخدع منظرÙÙ‡ الألي٠ثم ÙŠÙجع جوهرÙÙ‡ العني٠المخيÙØŒ ذكيٌّ ÙŠÙهم عن جدي بالإشارة ما ربما لم Ø£Ùهمه ولا بالعبارة!
كان مربض الناقة بناØية من الدهليز، ومربض الجاموسة والØمارة العزيزتين بالزريبة، ومربض النعجة بجانب واجهة الدار، والكلب جَوّال بين المرابض.
- كنت أركب الجمل وهو يجري، كانت بي قوة جمل…
تعر٠البØر؟
- أجل، وأخاÙÙ‡!
- مررت على جسره مرة ولم يكن Ø«ÙŽÙ…ÙŽÙ‘ إنسيّ ولا جنّيّ، أَلْكÙم٠وجه الأرض المغبرّ بظهر مداسي، وأنشق الهواء ثم أزÙره ضاربًا بعضه ببعضه، Ùإذا صوت امرأة تصرخ، Ùأقبلت عليه Ùوجدت شابّا Ùتيًّا وراء امرأة كانت غسلت مواعينها بالبØر، كأنه يراودها Øتى لقد يتناول بعض ثيابها، وكأنها تقاتله Øتى لتكاد تضربه ببعض مواعينها صارخة:
- أمَا هنا من رضع لبن أمه! يا ناس، الØقوني!
- أنا رضعت لبن أمي، وقد Ø£Øسنت رضاعي…
ثم تناولْتÙÙ‡ -قال جدي- Ùكأنه ميتٌ ÙÙŠ يد Ù…ÙغَسÙّله، واجتمع ناس؛ Ùكانوا يقيمونني به ويقعدونني به، Øتى كاد يبادرني إلى ØتÙÙ‡!
- يا لها قوةَ شَهْم لو لم ÙŠÙŽØ´Ùبها إعجاب بالمرأة!
- ويلك! هذا خداع ورياء، ولم يكونا ÙÙŠ غنّام مثلى، يقضي عنÙوان شبابه خاليًا، إلا من الغنم الثلاثين الغريرة، والأرض القÙر، والسماء الصاÙية…
بنت يا نادية، جهÙّزي أعواد الذرة أمام الناقة، واØملي أوراقها إلى الجاموسة، واخلطي للØمارة التبن بØب الذرة، وانظري هل لدى النعجة العزيزة ما يغنيها؟ وهذا الكلب لم تهملونه؟ رØÙ… الله زمانا لولاه Ùيه معنا لضعنا!
الشاي، يا مبروكة!
كانت للدكتور عزبة يئس من أن يستÙيد منها مالا أو ثمرا؛ Ùهناك عاثت ÙÙŠ الزمام عصابة سوء، وضع الناس لها خدودهم وطأطؤوا رؤوسهم.
وكان الدكتور قد سمع بي، Ùأرسل يستعملني على أرضه Ø£Øرسها له، وكنت قد سمعت بتلك العصابة، Ùكأن الدكتور أصاب ما أراده قلبي؛ Ùلم أكن أهنأ بلذة الأمان والراØØ© وأولئك الجبناء طلقاء يصرÙون أيديهم كي٠شاؤوا.
سهرت ليلةَ أوّل٠Øراستي، ÙØ£Øسست٠لسور الØطب الذي ÙŠÙØ·ÙÙŠÙ٠بالأرض صوتا، Ùعلمت أن شخصا ÙŠØاول اختراقه، Ùراقبته، وتبعته Øتى إذا جاوز إلى أرضي أهويت على Ù‚Ùاه، Ùملكته Ù…ÙØْكÙمًا خناقه، Ùصرخ، ÙَجَرَرْتÙÙ‡ إلى Øيث يجتمع أصØابه، ثم لمّا اقتØمت عليهم مستنقعهم مبهوتين رÙعته إليهم وزجرتهم:
- اسمعوا -أيها الجÙبَناء الØÙقَراء- هذا غبيÙّكم تركته ليعلمكم مبلغ ندمه Ù„Ùمَا لقيه، وأما أنا Ùليس عندي إلا أنه إذا عَنَّ لي Ø£Øدكم أو توهمت أنه عنّ لي، ÙسأقطÙّعه Øتى لا تلتقي قطعة من جسده بأخرى.
- جدÙّى، وتركوك؟
- يا مسكين، الشجاع٠مÙوَقّى، بل رØلوا من الزمام كله، واطمأن الناس والدكتور، ووجدت عندئذ طعم الأمان والراØØ©.
آه على تلك الأيام!
الشاي -يا مبروكة- الشاي، يا وليّة!
ألا تعلم أنني عملت Ø®Ùيرًا ÙÙ‰ «عÙÙ…Ùوديّة» جدّ أمّك الشيخ مبروك؟
- قد علمت أنه كان عمدة متعلمًا Ù…Øبوبًا.
- لقد Øكم بي هذا البلد، Ùانقطعت شكاية الÙلاØين؛ كنت إذا عدا Ø£Øدهم على أخيه ربطته إلى تلك النخلة الطويلة هناك، وضربته Øتى يرØمه المعتدَى عليه!
كان جدّ٠أمك Øكيمًا وكنت يده التي يردع بها، وما كنت أرضى أن أكون يدًا لغيره.
أجل، كانت بي قوة جمل، كنت أركب الجمل وهو يجرى…
الشاي!
أنت، يا وليّة!
- ما لك -قالت جدتى مبروكة-
ألَنْ تنتهي عن هذا النداء!
ألم Ù†Øجّ معًا بيت الله!
وأنت، تÙراك صدقت هذه الØكايات الجديدة!
أنا معه منذ ستين سنة، Ùمتى كان ذلك!